هل يجوز اتخاذ حج الانابة مشروعا استثماريا يتم تسويقه والاستفادة منه بتحقيق عائد مادي من ورائه؟
الانابة في الحج الفريضة مبني جوازها على وجود أعذار لمن وجب عليه الحج، ولم يستطع القيام به بنفسه لمرض مزمن، أو كبر سن لا يقوى معه على الحج، فهؤلاء وجب لعذرهم أن يدفعوا نفقة الحج لمن ينوب عنهم في أداء الحج، وهذا الوجوب عند الشافعية والحنابلة، وأما أبو حنيفة ومالك فلا يوجبان الحج على هؤلاء لا بأنفسهم، ولا بانابة غيرهم، ومرجع ذلك الى اختلافهما في تفسير الاستطاعة في قوله تعالى: 'ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا' فمن أوجبوا الانابة فسروا الاستطاعة بالزاد والراحلة، اي النفقة الكاملة، فمن عجز بنفسه واستطاع بغيره وجب عليه الحج بالانابة، ومن لم يوجبها فسروا الاستطاعة بمن يستطيع بنفسه والعاجزون غير مستطيعين فلا يجب عليهم الحج لا بأنفسهم ولا بغيرهم. وهذا هو الراجح لظاهر دلالة اللفظ، وهذا الخلاف في صحة البدن هل هي شرط لأصل الوجوب أم هي شرط للأداء بالنفس؟.
أما أصل مشروعية الانابة عن الغير في الحج فجمهور الفقهاء عدا المالكية يروون الأحاديث الصحيحة في ذلك ومنها حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: 'جاءت امرأة من خثعم عام حجة الوداع، قالت: يا رسول الله: ان فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع ان يستوي على الراحلة، فهل يقضي عنه أن أحج عنه؟ قال: نعم رواه البخاري ومسلم.
واذا كان وجوب الحج الانابة بالحج للمعذور فيناسبه الرفق به ولاتبرع في تحمل مشاق السفر ابتغاء رضوان الله والأجر والمثوبة وحصول فضل الدعاء بما يتهيأ له من أماكن الدعاء في عرفة وغيرها الدعاء لمن يحج عنه، ولنفسه.
ويجب النظر للحج باعتباره فريضة عظيمة، وعبادة لله تعالى، فلا يجوز جعلها محلا للمتاجرة، مع أن التجارة في الحج أي في أثنائه جائزة، لكن هنا المتاجرة بالحج ذاته فهذا ما لا تقبله النصوص وقواعد الشرع، وهو من تداخلات الشيطان في قلوب أصحاب المال، أن يستمروا من احتاج الى الانابة في زيادة كسبهم، وهو أقرب الى السحت من المال الحلال.
مواقع النشر (المفضلة)