كراهية الموظف لمديره لا تأتي من فراغ. فلا بد أن هناك من الأسباب ما يولد هذا الشعور السلبي. وأيا كانت الأسباب فإن الموظف ليشعر بالراحة في عمله لا بد أن يعتبر بعض الضغوطات الوظيفية مثل 'سحابة صيف' سوف تمر سريعا، لا أن يبالغ في تأويل تصرفات مديره فيعيش مهموما مغموما في عمله، وينتظر لحظة مفارقة مديره بفارغ الصبر.
والسؤال هو لماذا تكره مديرك إذا كان يقدرك ويحترمك ويمنحك جزءا من وقته للإصغاء إلى همومك وحاجاتك ورغباتك، ويسعى جاهدا إلى تحقيق ما بوسعه لتتقدم أنت في مسيرتك الوظيفية.
ألم تفكر يوما كيف ستكون حالك، إذا انتقلت إلى وظيفة جديدة وخيب المدير الجديد كل توقعاتك؟ وما الذي يضمن لك أن يكون مسؤولك المنتظر أفضل من مديرك الحالي؟
ألا تعلم أن هناك من المديرين من يظنون واهمين أنهم خالدون وأنهم لا نظير لهم، فلا يجلسون إلى مرؤوسيهم إلا لتصدير الأوامر، وكأنهم في ثكنة عسكرية، ويؤثرون المكوث في أبراجهم العاجية، لأنهم لا يريدون أن يشاركوا الغير بمعلوماتهم. فمثلهم مثل الطفل الذي حصل بشق الأنفس على قطعة حلوى لا يمكن أن يفرط بها، لأنه يعجز عن الإتيان بأخرى.
ماذا تفعل إذا تبين لك لاحقا أن مديرك الذي تتمنى زواله، بسبب مشادة عابرة بينكما، هو متفوق من 'ناحية الخبرة الوظيفية' على مديرك الجديد، الذي تتوق إلى العمل معه رغبة في أن تنهل من خبرته وقدراته الإدارية؟
لماذا نكره مديرا تتجاوز إيجابياته سيئاته بمراحل عديدة، وكأننا ننسى أو نتناسى أن الإنسان خليط من الصفات الإيجابية والسلبية، أو ننسى أن من يستطيع التعايش مع ذوي الطباع الصعبة، يتفوق في التعامل مع من هم دونهم من جهة التعامل؟
لماذا يكره الموظف مديره إذا كان صادقا معه في نقده أثناء التقييم السنوي، وحريصا على توجيهه نحو أفضل أداء ممكن. لماذا نكره مسؤولا يرشدنا بتوجيهاته إلى أقصر طريق نحو التفوق والتقدم في العمل، أليس هذا سببا جميلا يستدعي التقدير. ومن يتمتع بهذه الخصلة مع مديره فهو محظوظ لأن مسؤوله ليس لئيما إذ إنه لا يتعمد أن يوقعه في مشكلة أو يحاول أن يتصيد عليه أخطاءه.
في حقيقة الأمر، إن هروبنا من هذا المدير أو تمني زواله ليس دليل قوة أو حنكة، وإنما هو هروب من المواجهة (الإيجابية) وهي تدريب أنفسنا على التعايش مع الغير كما هم.
وبشكل عام نحن لا يجب أن نكره الشخص لذاته بل نكره التصرف نفسه، فالأصل في الناس الخير، ولكن سلوكهم هو أمر عارض يمكن أن يزيله صاحبه إذا كانت لديه الرغبة الصادقة في ذلك وثابر بجدية حتى يحقق مبتغاه.
مواقع النشر (المفضلة)