دمــــوعٌ مقاومــــة
بعناده وحبه لأرضه أصرَّ الحاج عيسى البقاء في منزله وعدم مغادرته رغم العدوان والمجازر، ذلك الكهل أراد أن يقاوم العدو على طريقته، بصموده. مما إضطر إبنته زينب البقاء معه لرعايته.
تحت النار يتحركان داخل المنزل فقط. لم نتوقع أن تصل الأمور إلى هذا الحد من الوحشية والهمجية تقول زينب. قبل الهدنة كنا في هذا المنزل ستون شخصاً، نطبخ لهم نتساير معهم نضحك سوياً للتخفيف من هول ما حولنا.
يقتاتون من هبات الهيئات والجمعيات والمحسنين الذين يؤمنون حاجات الأطفال والأدوية والغذاء كون جميع الطرقات والمنافذ التي تصل قرى ذلك الجبل المقاوم مقطوعة الأوصال.
وفي منتصف العدوان وخلال الهدنة القصيرة رحل جميع من كانوا معهم في المنزل وبقيت زينب وحيدة مع والدها الحاج عيسى.
أصبحت تطهو للمقاومين، تخرج من مخبأها إلى المطبخ بين الغارة والأخرى تقول زينب: «وإذا أتت طائرة كنت أترك الأكل وأركض لأختبىء من جديد».
تكمل زينب حكايتها مع الصمود والرعب: «كنت أناديهم بأسمائهم المستعارة ليأتوا ويأكلون» «وكنت أبكي كلما ضرب العدو هذه الأرض الطاهرة، رغم إرادتي القوية، كنا بإيماننا بالله نعلم أن النصر آتٍ لا محالة».
قبل إنتهاء الحرب بإسبوع أقعد المرض الحاج عيسى مما لإضطر زينب إلى نقله خارج الجنوب للمعالجة.
تقول زينب:«سألني بعض الشباب عن سبب المغادرة "أنتم في مأمن بحمايتنا" كانوا في غاية الحزن لرحيلنا بعد تلك الأيام التي تقاسمنا فيها الطعام والخوف والملجأ والمقاومة والصمود» أجبتهم إننا إن شاء الله سنلتقي قريباً مع النصر الآتي... فرأيت الدموع في أعينهم.
وحدها دموعهم أبكتني، وبكيت طوال الطريق من الجنوب إلى العاصمة على دموعهم....!!!
مواقع النشر (المفضلة)