http://www.alriyadh.com/2010/09/18/article560501.html
حول العالم
في كم دورة نعيش
فهد عامر الأحمدي
التنجيم أحد أقدم المهن في التاريخ ؛ فالإنسان بطبعه يخشى المجهول ويرتاح للمألوف ويشك بالمستقبل.. ولهذا السبب مايزال ينظر للنجوم، ويضرب الرمل، ويسأل الجن، ويقرأ الكف، ويحدق في البلورة بنفس اللهفة السائدة زمن الفراعنة والبابليين… غير أن الصينيين وهنود المايا من وجهة نظري اخترعوا أكثر وسائل التنجيم مصداقية واحتراماً . فالتنجيم الصيني والتعبير مجازي يعتمد على فكرة وجود دورات متنوعة تنظم حياة الكون والخلائق ؛ فكما ان التاريخ يعيد نفسه ، تعيد الأقدار والحظوظ نفسها بطريقة يمكن التنبؤ بها . كما يمكن استنتاج حالة الإنسان الجسدية والنفسية من خلال دورات داخلية تمت ملاحظتها على مدى قرون .. كل ما يتطلبه الأمر هو معرفة تاريخ الولادة لتتبع الدورة المطلوبة !!!
وهذا الكلام مجرد مقدمة لظاهرة مشابهة تنبه لها لأول مرة طبيب ألماني عاش قبل مائة عام ؛ فقد خرج ويلهليم فيلز بنظرية تفيد بوجود دورات حياتية ( عديدة ومختلفة ) يمر بها كل إنسان .. فمن المعروف أن هناك دورة رحمية تمر بها المرأة كل " 28 " يوما . لكن الدكتور فليز اكتشف أن هناك دورة فيزيولوجية يمر بها كلا الجنسين تتكرر كل " 23 " يوماً ، ودورة عقلية تتكرر كل " 33 " يوماً ، ودورة انفعالية تتكرر كل " 28 " يوماً ، ودورة شعورية كل " 26" يوماً …
وإذا تصورنا هذه الدورات كرسوم بيانية سنجدها ترتفع عالياً في أيام معينة ثم تنخفض إلى الحضيض في أيام أخرى . فحين تبلغ الدورة الانفعالية (مثلا) قمتها تغلب علينا "النرفزة" وسرعة الغضب، وحين تنخفض يغلب علينا التسامح "وطول البال" .. ورغم أن هذه الدورات تمر وتتقاطع بمواعيد مختلفة إلا انه يكفي لتتبعها معرفة تاريخ الميلاد فقط . وحالياً يمكن إظهار إيقاعات وتقاطعات هذه الدورات بواسطة آلة إلكترونية صغيرة ( تشبه الآلة الحاسبة) تسمى "كوزمس" ..
واليوم تطورت نظرية فليز لدرجة الاعتقاد ان حالة الإنسان لا تتأثر فقط بارتفاع أو انخفاض كل دورة ؛ بل وأيضاً بتوافق أو تعارض هذه الدورات مجتمعة ؛ فمشاعر الكآبة والخمول والإحباط تبلغ ذروتها حين تنخفض "الخطوط البيانية" للدورات النفسية . في حين نشعر بالتفاؤل والنشاط والغبطة حين ترتفع لدينا دورتان أو أكثر ..
وللتأكد من هذه العلاقة راجع البروفيسور هارولد ويلس من جامعة داكوتا ملفات المتوفين من مرضى القلب فلاحظ أن أكثر من نصفهم توفي في التقاطعات الحرجة لدوراتهم البيولوجية . ثم راجع سجلات المنتحرين فلاحظ أن معظمهم توفي أثناء انخفاض دوراتهم النفسية . وبناء على ملاحظات البروفيسور ويلس أصدرت شركة PFIZER للتأمين برنامجاً للسلامة يهدف لخفض حوادث المرور . كما نصحت الشركات الأخرى بقصر الإجازات على " الأيام الحرجة " التي يمر بها كل موظف !!
ورغم اعترافي بأن مشاكل الحياة وظروف العمل تلعب في حياتنا دوراً كبيراً وواضحاً ؛ إلا أن الدورات (الداخلية) هي التي تحدد مواقفنا وطريقة تعاملنا مع تلك المؤثرات . وأكاد أجزم أنك شخصياً جربت أوقاتاً تكون فيها في قمة نشاطك وتألقك الذهني وأياما تكون فيها محبطاً متخاذلاً (رغم تشابه المواقف) !!
.. المهم هو أن تكون مستعداً ومتفهماً للتأثير الخفي لتلك الدورات.. وأتمنى بالفعل سماع تجربتك الشخصية !
مواقع النشر (المفضلة)