الشيخ والمكيف والحضارة
المكان .. أحد مساجد مدينة جدة , الزمان .. يوم صيفي قائظ .. أنهى ذلك الشيخ الوقور بجانبي أداء تحية المسجد , ثم التفت إلى و ألقى السلام وصافحني ووجهه يتهلل بابتسامة مشرقة , وقال: لو أن الذي اخترع هذه المكيفات كان مسلما كم سيكون له من الأجر يا ولدي ؟!
في تلك اللحظة لمحت قطرات العرق تنساح من جبينه ووجنتيه. تناول الشيخ أحد المصاحف واخذ يقرأ أما أنا فقد انهالت علي كثير من الأفكار والتساؤلات وكان نافذة واسعة قد فتحت أمامي وبت المح كل شيء حولي فأجد كل العالم ينتج ونحن نستهلك ! كل أمم الأرض لها من الحضارة نصيب وتسهم في رقي الإنسانية إلا هذه الأمة .
لقد أصبحنا عالة على العالم , لم نحسن سوى التغني بأمجاد الماضي واسترجاع إنجازات أسلافنا دون أن نكلف أنفسنا عناء السير في ركابهم نعزي أنفسنا بما قدمه ابن حيان والرازي وغيرهما ونتشدق بفعالهم ماضيين دونما شعور في سكرتنا والأرض من حولنا تتغير والعالم يتقدم ونحن مازلنا ننظم الأشعار والأناشيد تمجيدا لأناس علموا حقا أن هذا الدين هو دين العلم والحضارة فأفادوا البشرية بما استطاعوا و أدوا أمانة حمل العلم ونحن لم نزل نتغزل في ماض جعلنا منه نهاية ما نستطيع تقديمه للدنيا فكان من بداهة الأمور أن نقبع في آخر الصفوف مستهلكين لا منتجين عاطلين لا عاملين مكتفين بالتباكي على حالنا المزرية بين الأمم.
( الإسلام دين ودنيا الإسلام دين العلم أول كلمة نزلت من القران الكريم هي كلمة اقرأ )
نردد دوما هذه العبارة في استهلال حديثنا ثم نعرج بعد ذلك على سير أولئك الأفذاذ من أجدادنا ونختم حديثنا دون أن نذكر أو نتساءل ما لذي قدمناه نحن ؟؟ وأين نحن من الصناعة والعلم حتى وان كان هذا التساؤل في الحاشية وبعد أن نرفع عقيرتنا بالصراخ بأننا أحفاد أولئك .
على اقل تقدير إن عجزنا عن أن نصنع الطائرات أو الصواريخ أو الأدوية أو حتى القلم ؛ فلنصدر لهذه الدنيا دعوة الإسلام لنصدر لها أخلاق محمد عليه الصلاة والسلام وسيرته .
بقلم: عزام الخديدي _ كلية الطب _جامعة الملك عبد العزيز
منقول من مجلة مواكب التي تصدر عن الجمعية الخيرية لتحفيظ القران الكريم بمحافظة جدة العدد\24
مواقع النشر (المفضلة)