هناك أسباب تعين الإنسان على محاسبة نفسه وتسهل عليه ذلك معرفته أنه كلما اجتهد في محاسبة نفسه اليوم استراح من ذلك غداً وكلما أهملها اليوم اشتد عليه الحساب غداً ومعرفته أن ربح محاسبة النفس ومراقبتها هو سكنى الفردوس والنظر إلى وجه الرب سبحانه ومجاورة الأنبياء والصالحين وأهل الفضل والنظر فيما يؤول إليه ترك محاسبة النفس من الهلاك والدمار ودخول النار والحجاب عن الرب تعالى ومجاورة أهل الكفر والضلال والخبث، صحبة الأخيار الذين يحاسبون أنفسهم ويطلعونه على عيوب نفسه وترك صحبة من عداهم، النظر في أخبار أهل المحاسبة والمراقبة من سلفنا الصالح، زيارة القبور والتأمل في أحوال الموتى الذين لا يستطيعون محاسبة أنفسهم أو تدارك ما فاتهم، حضور مجالس العلم والوعظ والتذكير فإنها تدعو إلى محاسبة النفس، قيام الليل وقراءة القرآن والتقرب إلى الله تعالى بأنواع الطاعات والبعد عن أماكن اللهو والغفلة فإنها تنسي الإنسان محاسبة نفسه، ذكر الله تعالى ودعاؤه بأن يجعله من أهل المحاسبة والمراقبة. فحق على الجازم المؤمن بالله واليوم الآخر أن لا يغفل عن محاسبة نفسه والتضييق عليها في حركاتها وسكناتها وخطراتها وخطواتها فكل نفس من أنفاس العمر جوهرة نفيسة يمكن أن يشترى بها كنز من الكنوز لا يتناهى نعيمه أبد الآباد فإضاعة هذه الأنفاس أو اشتراء صاحبها ما يجلب هلاكه خسران عظيم لا يسمح بمثله إلا أجهل الناس وأحمقهم وأقلهم عقلا وإنما يظهر له حقيقة هذا الخسران يوم التغابن. قال تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا..}
مواقع النشر (المفضلة)