[align=center]
مقال جديد انقله لكم و انا كلى امل ان ينال رضاكم و لا يسبب اى ازعاج او مضايقه لاحد من الاعضاء و الزوار الذين اسعد بتواجدى معهم و التواصل معهم
*****
مما غرسته الثقافة العامة في المجتمع هو إشاعة القول بميل النساء إلى الإسراف والتبذير وحب الإنفاق، وقد ساد هذا الاتهام وتثبت في أذهان الناس حتى كاد كثير منهم يؤمنون به ولا يترددون لحظة في تصديقه. لكن من يقرأ ما يرويه الجاحظ في كتابه البخلاء من أخبار البخيلات من النساء، يدرك كم النساء مظلومات بإشاعة تلك التهمة عنهن، وكم هن بريئات من حب الإنفاق.
الذين يقرأون أخبار (معاذة العنبرية) و(ليلى الناعطية) و(مريم الصناع) وغيرهن ممن روى عنهن الجاحظ حكاياته يجدون في تلك الحكايات نماذج من التدبر (النسائي) في مسائل الإنفاق وشدة الحرص والحفاظ الشديد على الممتلكات الذي يصفه بعض (المسرفين) بالشح المقيت، مما يجعل القارئ يذهل كيف تسنى للناس التشنيع على النساء باتهامهن بالتبذير، وكيف أمكن لهم وصفهن بالإسراف وهن يحملن كل هذه المهارات في فن الشح؟
معاذة العنبرية، بطلة الجاحظ المشهورة، اعترتها الكآبة واعتلاها الغم والحزن لما أهديت لها أضحية فخشيت أن لا تستطيع تدبير لحمها فيضيع بعض الشاة حين لا تحسن الانتفاع من جميع أجزائها. فأخذت تتذكر ما تتقنه من وجوه الانتفاع من كل جزء من أجزاء الشاة كالانتفاع بالقرون والمصران وقحف الراس والعظام والجلد والصوف، بل حتى الفرث والبعر، لكنها لما وصلت إلى الدم تحيرت واكفهر وجهها لفترة حيث ارتج عليها فلم تدر كيف تستفيد منه وتنتفع به، إلا أنها ما لبثت أن «طلقت وتبسمت»، فقد تذكرت أن لديها قدوراً شامية جدداً وأنه ليس شيء أدبغ ولا أزيد في قوتها من التلطيخ بالدم الحار الدسم.
«ويقول الراوي: ثم لقيتها بعد ستة أشهر فقلت لها: كيف كان قديد تلك الشاة؟ قالت: بأبي أنت! لم يجئ وقت القديد بعد، لنا في الشحم والإلية والجنوب والعظم المعرق وفي غير ذلك معاش، ولكل شيء إبان . وكان هناك من يصغي إليهما، فقبض قبضة من حصى ، ثم ضرب بها الأرض ثم قال : لا تعلم أنك من المسرفين حتى تسمع بأخبار الصالحين» .
*****
اكتفى بهذا القدر من المقال فالجاحظ من خلال حكاياته تلك يغوص إلى ذات الإنسان يستجلي ما في أعماقها وما تكنه داخلها من متناقضات وغرائب وما يكتنفها من تأثيرات المواقف المتباينة، فهي حكايات أقرب إلى التحليل النفسي، منها إلى الفكاهة والتسلية لتكون ستاراً لما يرمي إليه من نقد اجتماعي أخلاقي.. و اتمنى ان ينال منكم قراءه متأنيه و تسعدونى بارائكم ..
تقبلوا منى التحيه و التقدير
*****[/align]
مواقع النشر (المفضلة)