[align=center]يقبل (الرسام) حاملا صخرته
يقف أمام صندوق بريد مكتظ بأوراق مهملة ملقاة
على أرصفة مثلومة الشوارع..!!
حتى آخر حبة رمل..!!حتى آخر قطرة ماء..!!
حتى آخر نسمة هواء..!! تتلبس الأفق حالة من الاضطراب الشديد..!!
وثمة دخان متصاعد من قاطرة عرجاء تجر عربات الزحام المترعة بالفراغ حتى تُقطع الرؤوس ابتهالا.. للقلق.. والألم..!!
يتلصص النظرات من شبابيك دهنت بالصمت..!!
فلا يرى سوى أشباح أصبحت واجهات خزفية لكائنات قديمة منقرضة..!!
كم هي قاسية العيون حينما تضمحل النظرات الجرداء
على تلال الخيبة..!! وتلفظ مقابر الصناديق جثث الأوراق..!!
يضيق (الرسام) ذرعا بصخرته التي تكبر معه..!!
صحراء تكبر معه.. ظمأ يشتد معه.. ووطن يضيق به..!!
عالم مخاضه سيناريو كابوس أسود وقابلته دمية بذراع مشلولة..!!
يوم دشّن الوليد صرخته.. غربة.. تعب.. تزوير.. أكاذيب.. سجن لا يتسع سوى لشخص واحد..!! سوى (الرسام).. وصخرته..!!
وها هو يرمي بضع عبوات نسائية قارعة العصيان
يتسكع بحار مفقوءة المرافئ
حيث الموج يطعن خاصرة الحقيقة بنصل الكلمات..!!
ينازل المرايا.. شبح يحصد ظلاله
فيسقط تاريخ هو منكسر الوريد..!!
تتلقفه صفوف المرايا وهي تعزف خناجرها
التي أدمنت عقوده الثلاث..!!
ياسيد (الرسام).. ألا رحمت هذه الصخرة المسكينة
من أظافرك المتشبثة بها..!!
ألا أعتقتها من ذراعيك وصدرك وأحضانك.. !!
أطلقها حتى لا تتسلل روحك وتتغلغل
عبر مساماتها.. دعها.. انك تقيدها بأنفاسك..!!
انك تأسرها بنبضاتك..!!
انك تحاصرها بنظراتك..!!
انك تعذبها بآهاتك..!!
أيها المشنوق بخطام سحابة
لا أنت ارتويت ولا أسندت غربتك صدر السماء..!!
كل مساء.. ينتظر (الرسام) ملاكه المفضل
وهو يناجي نجمة فكت عنه حصار طفولته
يحلم أن يتبادل مع (عزرائيل) أطراف الحديث
عله يعطف عليه فيصحبه الى الحواري
التي حكت له عنها نجمته يتيمة السماء..!!
لكن (عزرائيل) يصر على اتباع بيروقراطية ويرفض قبض روحه..!!
آآآآه كيف له أن يحمل صخرته
باتجاه قمة كل ما فيها متيم بالسفح..!!
هو بالكاد اقترب من خاصرة الجبل..
والجاذبية الأرضية تُحَرِّجُ (فقهيا) لاتجاهات
محاور إزاحاتها الأفقية والرأسية..!!
ضاربة بعرض الكتلة والمسافة والزمن والمنطق والعقل كل ما فيه
تخطب في جموع أرقام معادلتها الفيزيائية المسعورة بينما (عجلة) الحزن تتساقط متسارعة نحو أسفل الوادي..!!
العصابة الادمية التي أسست هذا السيرك
االحياتي وأنشئت النظم حتى تستمتع في استعباد الأحياء
مستنبطة الفكرة الطارئة لجدار مزخرف باللكمات والرفسات والقبلات وصرخات البكاء والزغاريد ليفصل بين الروح والعدم..
هل فات عليها وهي تصممنا وتصنعنا وتبعثر أرواحنا
أن تضيف الى مواصفاتنا
مفتاح للإيقاف والتشغيل (Switch On/Off) ؟!!
أيا كان البند الشرعي المقدس الذي ستوضع به هذه الخاصية
سواء أطلق عليها اسم (بيات أصغر) أو (Time Shift) أو حتى (هدنة مع الروح)
كوقف مؤقت لإطلاق الحزن..!!
المهم أن نتخلص قليلا من الحياة.. ويتخلص(الرسام) من صخرته..
نتخلص من رماد الأصدقاء ..!!
نتخلص من الأنياب والمخالب والضحايا..!!
نتخلص من القوة حتى درجة الغيبوبة..!!
ومن الضعف الى أقصى درجات العبودية..!!
نتخلص من الندوب التي شوهت وجنات الحلم..!!
نتخلص من نزيف أرواحنا..!!
نطوي تلك التضاريس الباسقة بالفجيعة.. ونستريح..!!
آآآه كيف نستريح؟!! كيف نغمر رأسنا في أحضان
سحابة فنغتسل من كل آهاتنا؟!!
حزين؟!! من قال انني حزين ؟!!.. كنت أمزح فقط مع معرفي المجنون (الرسام)..!! اقترحت عليه أن يستبدل صخرته بأخرى (بلاستيكية)
هكذا زمن.. أصبحت كل مناراته مصافي نفط..!!
من الطبيعي أن تطغى فيه ملامح
غاز (الايثلين) وعائلته الكريمة..!![/align]
مواقع النشر (المفضلة)