عندما نكثر الحديث عن اخلاقيات البشر، ونصنفهم في دائرة من الحب وحسن الخلق تعود بنا الذاكرة الى الوراء وفي عهود مضت.. لكنها لم تندثر بل بقيت راسخة في تاريخنا الاسلامي.. تحمل أبجديات لصور التعاملات الاسلامية التي كان عليها الرسول صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه والتابعون من بعده.
هذه التعاملات الانسانية التي كونت مجتمعا متماسكا متعاضدا خاليا من الحقد والضغينة تمثل في اشاعة روح الحق والعفو والتسامح وفي بذل المعروف واغاثة الملهوف والاحسان للجار والقريب من الدار.. ولذي القربى والصحبة.
هي مشاعر انسانية مبدؤها الرحمة تنقي جو الحياة من سموم الفردي والطبقي.. والتناحر العنصري لتبقى المجتمعات في صفاء وسكون وتواد ممزوج بالتسامح والتآلف.. والخير للنفس والآخرين.
وحين نتحدث عن التعاملات الاسلامية وسموها يجدر بنا ذكر حادثة ليست ببعيدة ولا هي جديدة على الروح المسلمة المتيقنة.. فقد ضرب أحد الآباء أجمل صور العفو والتسامح عندما أقدم بالعفو عن قاتل ابنه.. ولكم ان تتخيلوا عظم المصاب الجلل والذي لا يطيقه الا المؤمن الصابر الذي علم أن لله ما أعطى وما أخذ وايقن في قرارة نفسه ان ما اصابه لم يكن ليخطئه وان كل امره خير له.
كانت روح هذا الأب مشرقة وضاءة وهو يتحدث عن فقد ابنه ومصابه فيه وكيف عزم بعد ان استخار الله ان يعفو طلبا لمرضاة الله وجزاء احسانه لا يريد شكرا أو ثناء لكنها الروح حين تسمو وتتعالى في رياض الايمان ومجاهدة النفس على ما هو خير وابقى.. ليرتقي بأخلاقياته الى مراتب عالية قل من يحظى بها.
وليتنا نتعلم الصفح والاحسان عمن ظلمنا أو أساء الينا وألا يتملكنا الحقد والانتقام طلبا لرضا النفس الامارة بالسوء.. واشغال القلب بضغينة أو حقد يكتوي بها صاحبه قبل ان يصيب الآخرين. وما أجمل العفو حين يصدر من مظلوم قاسى الويلات والنكبات وجاهد في الله حق جهاد.. وأصبح في منزلة الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس الذين جزاؤهم جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. هي غاية السعادة والايمان حينما نسمو بجماليات الاحسان وتوطين النفس على ما يصلح اعوجاجها وينير دربها ويهديها الى أحب الأعمال وأجمل الصور للتعاملات الأخلاقية النبيلة.
منقول
مواقع النشر (المفضلة)