..00..فخراً إني امرأة ..00..
نعم إنَّ الرجال قوَّامون على النساء كما يقول الله تعالى في كتابه العزيز، ولكن المرأة عماد الرجل، وملاك أمره، وسر حياته ...لا يستطيع الأب أن يحمل بين جانحتيه لطفله الصغير عواطف الأم، فهي التي تحوطه بعنايتها ورعايتها، وتبسط عليه جناح رحمتها وهي التي تسهر عليه ليلا ونهارا وتحتمل جميع آلام الحياة وأرزائها في سبيله، غير شاكية ولا متبرمة، ولو شئت أن أقول لقلت إنَّ سر الحياة الإنسانية وينبوعها وكوكبها الأعلى الذي تنبعث منه جميع أشعتها ينحصر في كلمة واحدة هي "قلب الأم".
لا يستطيع الرجل أن يكون رجلاً حتى يجد إلى جانبه زوجة تبعث في نفسه روح الشجاعة والهمَّة، وتغرس في قلبه كبرياء التبعة وعظمتها، وحسب المرء أن يعلم أنَّه سيد وأنَّ رعيَّةً كبيرة أو صغيرة تضع ثقتها فيه، وتستظل بظلّ حمايته ورعايته، وتعتمد في شؤون حياتها عليه ، حتى يشعر بحاجته إلى استكمال جميع صفات السيد ومزاياه في نفسه، فلا يزال يعالج ذلك من نفسه ويأخذها به أخذاً حتى يتم له ما يريد، وما نصح الرجل بالجد في عمله والاستقامة في شؤون حياته، وسلوك الجادة في سيره، ولا هداه إلى التدبير ومزاياه، والاقتصاد وفوائده، والسعي وثمراته، ولا دفع به في طريق المغامرة والمخاطرة، والدأب والمثابرة، مثل دموع الزوجة المنهلة، ويدها الضارعة المبسوطة.
ولا يستطيع الشيخ الفاني أن يجد في أخريات أيامه في قلب ولده الفتى من الحنان والعطف، والحب والإيثار، ما يجد في قلب ابنته الفتاة، فهي التي تمنحه يدها عكازاً لشيخوخته، وقلبها مستودعاً لأسراره، وهواجس نفسه، وهي التي تسهر بجانب سرير مرضه ليلها كله تتسمَّع أنفاسه .
وتبقى كلمه بحقها وهو إإن الحياة مسرَّات وأحزان، أمَّا مسرَّاتها فنحن مدينون بها للمرأة؛ لأنَّها مصدرها وينبوعها الذي تتدفَّق منه، وأما أحزانها فالمرأة هي التي تتولى تحويلها إلى مسرات أو ترويحها عن نفوس أصحابها على الأقل، فكأننا مدينون للمرأة بحياتنا كلها.
وقبل الختام احب ان أنوه
أنني لا أريد أن تتخلَّع المرأة وتستهتر، وتهيم على وجهها في مجتمعات الرجال وأنديتهم، وتمزق حجاب الصيانة والعفة المسبل عليها، كذلك لا أحبّ أن تكون جارية مستعبدة للرجل، يملك عليها كل مادة من مواد حياتها، ويأخذ عليها كل طريق حتى طريق النظر والتفكير.
فإمَّا أن تكون المرأة مساوية للرجل في عقله وإدراكه أو أقل منه. فإن كانت الأولى فليعاشرها معاشرة الصديق للصديق، والنظير للنظير. وإن كانت الأخرى فليكن شأنه شأن المعلم مع تلميذه والوالد مع ولده، أي أنَّه يعلمها ويدربها، ويأخذ بيدها حتى يرفعها إلى مستواه الذي هو فيه؛ ليستطيع أن يجد منها الصديق الوفي والعشير الكريم. والمعلم لا يستعبد تلميذه، والأب لا يحتقر ابنه ولا يزدريه!
تحيـــاتي لولوه
مواقع النشر (المفضلة)