ما أتعس الانسان الذي يخلو قلبه من الحب، لا يعرف شيئا عن الاحساس المتوقد الذي يشتعل في الروح كلما خفق القلب، لا يعرف شيئا عن المعاني الانسانية الرائعة كالوفاء والتضحية والأمل والامتزاج بكل ماهو جميل، للأسف فان أغلبنا صار يعاني من غياب الحب وهذا الغياب جعلنا نعيش حياة تافهة لا نعرف فيها وجهتنا وهدفنا، تتأجج فينا مشاعر الحسد والكراهية علي الآخرين بلا سبب ربما السبب الوحيد هو انهم تفوقوا علينا، نعتقد انه ليس من حق أي انسان أن يزرع الورد مادام هناك من يقطفه، نحن لا نفعل شيئا للحب، نحن نقتل الحب، نحن نزرع الشوك واليأس في دروب الحب، هل لاحظتم اننا ننهش في لحوم الآخرين.
بل ونلتهمها بشراهة. علي موائد الغيبة والنميمة كلما ذكر أحدهم امامنا سواء الخير أو الشر؟ هل لاحظتم اننا دخلنا في الخواء والانتظار الممل والوقت يمر طويلا حيث يتدفق من باب الزمن الضيق، والتفكير الضيق والنظرة الضيقة والصدور والضيقة؟..
هل لاحظتم اننا فقدنا الحنين الي اشيائنا القديمة، بيوتنا القديمة وذكرياتنا القديمة وأن اشجار الحب في قلوبنا لم تعد تثمر لأنها تسقي بمياه ملوثة بالحقد والكراهية، وان ازهار الحب لم تعد تنشر ذلك العبير الآسر الأخاذ ساعة نفتحها لأنها تتفتح في جو متوتر مشحون بالألم الذي لا نشعر به لاننا فقدنا الاحساس بكل شيء.
هل لاحظتم ان قلوبنا لم تعد تتسع لهموم الآخرين وحكاياتهم وان كل شيء صار معلبا ومزيفا واننا صرنا نمشي وراء البشاعة ونهرب من الجمال والصدق والشفافية، هل لاحظتم اننا نمعن في قياس عمق جراح الآخرين لا لنعالجها بل لنري ان كان هناك فرصة أخري للطعن وأننا لا نحاول التحديق بالاشياء المشرقة من حولنا بقدر ما نحاول التحديق في الظلام؟ هل لاحظتم اننا لا نكتفي بإطلاق أحكام خاطئة علي الناس بل نحترف التنظير ونتحدث في العمق عن الآخرين الذين لانعرف عنهم غير شكلهم، هل لاحظتم اننا صرنا بحاجة الي كتابات تلتصق بالجرح منذ الكلمة الاولي واننا صرنا بحاجة الي اقلام أكثر صدقا مع الذات.. هل لاحظتم ان قلوبنا تعرف جيدا برد الشتاء وتعرف حرقة الصيف ولا تعرف الدفء الجميل الذي يمزج بين هذا وذاك.. هل لاحظتم اننا نقول اكثر مما نفعل ونثرثر أكثر مما نستمع ألم أقل لكم اننا نزرع الشوك دون أن نشعر وندوس الورد دون أن ننظر الي ما تحت أقدامنا، نحن الذين ندمر اقرب الناس الينا ونمعن في تحطيمه وقتله بلا مبرر ثم نجني الألم والحسرة ونلعن الزمان دون أن نعترف بأننا نجني ما زرعناه بأيدينا.
مواقع النشر (المفضلة)