هذه الهمسة اهمسها في اذن كل من يتشبث برأيه عن جهل، ويعتبر نفسه دائما على صواب، ولا يتقبل رأيا مخالفا لرأيه، بل لا يستمع اليه اصلا. حتى لو اقتنع بينه وبين نفسه بخطأ رأيه لا يبدي ذلك خشية ان تهتز صورته وتضيع هيبته.

اقول لك عزيزي المتشبث برأيك، ان تصرفك هذا يسبب التعاسة والضيق لمن حولك ايا كانوا، لانك تصبح بالنسبة لهم الآمر الناهي.. لا تستشير احدا ولا تقبل ان يشار عليك، لانك تعتبر نفسك ذا الرأي السديد، مع ان تبادل الرأي يتيح الفرصة لتقليب الامر على جميع وجوهه، ودراسة ابعاده واثاره وتبعاته، واخذ جميع وجهات النظر في الاعتبار. لذلك وجه الله رسوله صلى الله عليه وسلم ان يشاور اصحابه فيما هو مقبل عليه قبل ان يفعله «وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين» صدق الله العظيم.

هذا ما امرنا به الله عزيزي المتشبث برأيك، فان كنت مديرا أو تشغل وظيفة ادارية وقيادية، فعليك استشارة معاونيك المتخصصين، فاذا انفردت برأيك فستسبب الخسارة وسوء العواقب على العمل الذي تديره.

والامر ذاته قد ينطبق داخل الاسرة فقد ينفرد راعيها بالقرار من منظور الحفاظ على هيبته، مع انه اذا استشار أو استمع الى رأي مخالف لرأيه، أو حتى تراجع عن رأيه للمصلحة العامة أو لمصلحة احد افراد الاسرة، فلن يفقد هيبته أو مكانته بين افراد اسرته، ولن تهتز صورته بل على العكس قد تقوى لان هذا معناه انه واثق بنفسه بدليل انه يفسح المجال لغيره ان يدلي بدلوه في الموضوع المثار سواء كان عائليا أو شخصيا.

لذلك اهمس في اذنك هذه الهمسة يا عزيزي المتشبث برأيك واقول لك ان العمل الجماعي مهم جدا، والتشاور ايضا مهم سواء على مستوى الاصدقاء أو في الاسرة أو حتى في العمل، لان الانسان السوي هو من يعرض رأيه ويستمع الى رأي الآخرين ووجهات نظرهم بصدر رحب، بل يحترم كل وجهات النظر حتى يكون في المقابل هناك احترام لرأيه ان طرحه. واذكرك عزيزتي بانك في بعض الاحيان قد لا نكون على صواب، لذلك لا داعي للتشبث بالرأي عن جهل واصدار بلا معنى.